السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يدخل الجــنة ديـوث .. فاحذر أن تكون هذا الشخص
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا...
أما بعد :
فلقد حثت شريعتنا الغراء على مكارم الأخلاق ونهت عن مساوئها لما يترتب على انتشار الأخلاق السيئة من أضرار على الأفراد والمجتمعات. وقد جاءت الشريعة بحفظ النسل والأعراض من كل ما يدنسها أو يعدو عليها ؛ فشرعت أقسى العقوبات لمن سولت له نفسه الاعتداء على أعراض الآخرين ؛ قال تعالى :
( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ...) [النور : 2] ؛ وهذه العقوبة لمن كان غير محصن أما الزاني المحصن فحده في الشرع الرجم حتى الموت؛ كما حرمت الشريعة الزواج ممن عرف بالزنا: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) [النور : 3]
ليس ذلك فحسب بل أعلت الشريعة شأن المحافظة على الأعراض حتى رفعت منزلة مَن مات دون عرضه إلى درجة الشهداء : "ومن مات دون عرضه فهو شهيد". وربّت هذه الشريعة أبناءها على الغيرة ، فقد جاء عن النبي Posted Image أنه قال: ( تعجبون من غيرة سعد؟! والله لأنا أغير منه، والله أغير مني...) رواه البخاري .
أما الذي لا يغار فلا خير فيه ؛ إنه يسلك سبيلاً إلى النار ويبتعد بنفسه عن الجنة ؛ بل يجعل عرضه مباحًا لكل من هبّ ودبَّ، وهذا هو الديوث .
إنه الذي لا يغار على عرضه أو يعلم بفحشهم وسوء سلوكهم ويغض الطرف عن ذلك، إنه يعرض نفسه للذل والهوان ؛ فما زال العرب والمسلمون يعظمون شأن الأعراض والحرمات فيعظمون من يدفع عن عرضه وحريمه ولو بذل في سبيل ذلك ماله وروحه:
أصون عرضي بمالي لا أدنسه . . . . لا بارك الله بعد العرض في المال
و من يتهاون في هذا الباب فإنه ساقط في الدنيا ساقط في الآخرة بعيد عن الله وعن الجنة، ففي الحديث الصحيح أن النبي Posted Image قال: { ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث }.
ولا يصاب بهذا الداء العضال إلا عديم المروءة ضعيف الغيرة رقيق الدين، فتراه لا يبالي بدخول الأجانب على محارمه ولا يبالي باختلاطهنَّ بالرجال أو تكشفهنَّ .
بل يعجب المرء حين يرى هؤلاء من أشباه الرجال يشترون لنسائهم الثياب التي تكشف أكثر مما تستر ، وتشف وتصف مفاتن الجسد وهو فرحٌ باطلاع الناس على عورات نسائه ومن ولاه الله أمرهن، مفاخر بتحررهنَّ من العفة والفضيلة وسيرهنَّ في طريق الفاحشة والرذيلة، ومثل هذا ميت في لباس الأحياء.
قال الذهبي رحمه الله : من كان يظن بأهله الفاحشة ويتغافل لمحبته فيها أو أن لها عليه دينًا وهو عاجز أو صداقًا ثقيلاً، أو له أطفال صغار... ولا خير فيمن لا غيرة له. فمن كان هكذا فهو الديوث.
بعض وسائل الإعلام تربي على الدياثة :
من المفترض في وسائل الإعلام أن تبني الشخصية المسلمة السوية ؛ لكن الواقع المشاهد أنها من أعظم أسباب تنشئة الناس على الدياثة وضعف الغيرة بما تبثه من مشاهد جنسية فاضحة وإعلانات داعرة، وأغاني ماجنة هابطة، وتلميع هؤلاء الفاسقين والفاسقات وإبرازهم على أنهم قدوات، حتى غدت المرأة تتغنى أمام زوجها وأبيها وأخيها بحبها للمطرب أو الممثل الفلاني ، دون أن يحرك أحد هؤلاء المحارم ساكنًا، بل في بعض اللقاءات الإعلامية مع هؤلاء تتصل المرأة المتزوجة أو الفتاة فتفصح لهذا الفنان عن محبتها له وهيامها به، غير مبالية برد فعل الرجال من أقاربها ربما لأنها على يقين أنهم لن يعترضوا أصلاً ولا حول ولا قوة إلا بالله
عن جابر بن عبدالله قال رسول الله بينما أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا؟ قال: هذا لعمر، فذكرت غيرته فوليت مدبرا، فبكى عمر وهو في المجلس، ثم قال: أوعليك يا رسول الله أغار؟) البخاري . فمن كان يغار فقد اقتفى أثر عمر رضي الله عنه، ومن لم يكن يغار فقد اقتفى أثر المنافق رأس النفاق عبدالله بن أبي بن سلول الذي كان يكره فتياته على البغاء لأجل أضيافه !
تقول أسماء رضي الله عنها : ( تزوجني الزبير وماله في الأرض من مال ولا مملوك ولاشيء غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه، واستقي الماء .. وكنت أنقل النوى من أرض الزبير على رأسي.. فلقيت رسول الله ومعه نفر من الأنصار فدعاني، ثم قال: إخ، إخ، ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان من أغير الناس، فعرف رسول الله أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير .. ـ فأخبرته ـ فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه ) . البخاري .
وذلك لأن تبذلها بحمل النوى يوهم خسة النفس ودناءة الهمة وقلة الغيرة في زوجها، ولذا كره ذلك . فأين نحن اليوم من الزبيــر !
إنها لمصيبة حقا أن يرضى الرجل لامرأته أن تنظر عورات الرجال..
وإنه لمن قلة الغيرة أن يجتمع الأب مع بنيه وبناته على فيلم هابط ؛ يشاهدون تفاصيله التي لا تخفاكم دون حياء أو خجل.. وإنه لمن قلة الغيرة أن يدع الرجل أهله يحادثن الرجال باعة كانوا أو غير ذلك وهو منزو في بيته أو في سيارته ينتظر فراغهن..
وإنه من قلة الغيرة أن يأذن الرجل لوليته أن تعمل مع الرجال ؛ مهما كان العمل ساميا ..
وإن من قلة الغيرة أن يأذن لحرمه أن يسافرن بلا محرم، سواء كان لأجل العمل أو النزهة