زار رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أعرابيّاً مريضاً فقال:
«طهور إن شاء الله». ولكن ذلك الأعرابي لم يقبل تلك الدعوة، وقال: قلتَ
طهور! كلا، بل هي حمى تفور، على شيخ كبير، تُزِيرهُ القبور. فقال صلى الله
عليه وسلم: «فَنَعَم إذاً» رواه البخاري، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان
إيجابياً متفائلاً، ولكن هذا الأعرابي لم يقبل تلك الإيجابية، لأنّه لم يرَ
سبباً لها، فهو مريض، وغير متفائل، فقال النبي: «فَنَعَم إذاً». وكأنه صلى
الله عليه وسلم يقول: هو كما تقول، إن قلت خيراً صار خيراً، وإن قلت شرّاً
صار شرّاً. فتفاءل بالخير تجده أمامك.
وهذا ما يُقرّه أيضاً «قانون الجذب» الذي يقول بأن عقلك يجذب ما تفكّر به
ليصبح واقعاً، كما أن التفاؤل يعطيك طاقة إضافية لفعل المزيد، ويجعلك أكثر
حماساً وإصراراً لتحقيق ما تصبو إليه، أما السلبية فإنها تنهك قواك، وتحطم
طموحك، وتنفد صبرك.
ويساعد التفاؤل الإنسان على أن يكون أكثر حكمة، وقدرة على اتخاذ قرارات
سليمة؛ فيوفّر له نفسيّة خالية من الضغوط، ويحث عقله على التفكير والإبداع
بشكل أفضل، فهو بتفاؤله يعلم أنه سيحل مشاكله، ويتجاوز عقباته، ويحقق
أهدافه، لذا فهو يبحث عن الحلول التي يعلم أنه سيصل إليها، فيكون أكثر
إصراراً وحماساً لأن يحل مشاكله.
ويتمتّع الناجحون بقدر كبير من الصبر والإصرار والمثابرة، ويترفعون عن
اليأس والانهزام والاستسلام، فيتجاوزون عثراتهم بسرعة ليحاولوا مجدّداً،
ويتعلمون من أخطائهم وتجاربهم الفاشلة، ويثابرون من أجل تحقيق أهدافهم.
ولكن الإصرار الفعّال لا يعني الإصرار على فعل الخطأ وتكراره، ولكنّه العزم
على المحاولة مرة أخرى بطريقة أفضل، وقد قال أديسون -الذي مرّ بمئات
المحاولات الفاشلة قبل أن يخترع المصباح الكهربائي الذي أنار العالم-: «كل
محاولة فاشلة لتحقيق الهدف هي خطوة إلى الأمام».
كلُّنا يعرف العديد من الناجحين الذين قادهم إصرارهم ومثابرتهم إلى النجاح؛
ليصبحوا من المؤثرين في الحياة المعروفين لدى الجميع، ولكني أؤكد لك أن
هناك الملايين من المميزين والموهوبين الذين استسلموا ويأسوا وتوقفوا عن
المحاولة؛ ولذلك لا تعرفهم أنت، ولا أعرفهم أنا، ولم يسمع بهم أحد. من
يستسلم لا يصل إلى شيء ولا يعرف بوجوده أحد.