النهضة الأوربية
مقدمة:
يطلق مفهوم النهضة الأوربية على التحولات التي عرفتها أوربا خـلال القـرنين 15 و 16 م، و التي شملت المجالات الفكرية و الفنية و الدينية، و قد انطلقت من إيطاليا، ثم انتشرت في باقي أقطار أوربا الغربية و تميزت بظهور الحركة "الإنسية" التي أعادت الامتياز إلى الإنسان و فتحت أمامه مجال الابتكار و التجديد، و هيأته لرفض فساد الكنيسة و القيام بالإصلاح الديني.
انطلقت النهضة من إيطاليا و ساهم اختراع المطبعة في نجاحها
:تعد إيطاليا رائدة للنهضة الأوربي
:يرجع ذلك إلى عدة عوامل
موقع إيطاليا وسط البحر الأبيض المتوسط جعلها تلعب دور الوسـاطة التجـارية بيـن الشـرق و الغرب، مما أدى إلى ازدهار مدنها مثل البندقية و جنوة و نابولي.
تنافس الإمارات الإيطالية في الميدان العلمي و الأدبي و الفني، مما أدى إلى ظهور أكاديميات كأكاديمية أفلاطون بفلورنسا، و إنشاء المكتبات.
رغبة البابوات في جعل رزما عاصمة للعالم المسيحي، و توظيفهم موارد مالية هامة في إنشاء المكتبات و المباني بها.
الاستفادة من الحضارة العربية الإسلامية، و الحضارتين اليونانية و الرومانية.
:يساعد اختراع المطبعة على نشر أفكار النهضة
ظلت الكتب حتى العصر الحديث قليلة و مرتفعة الثمن لا يستطيع اقتناءها إلا الأغنياء. و مع حركة النهضة دعت الضرورة إلى البحث عن طريقة توفر أكبر عدد من الكتب بتكاليف أقل ما قبس الأوربيون في البداية الطريقة الصينية للطبع (باستعمال ألواح خشبية و حفر الحروف عليها)، ثم اهتدى الألماني "يوحنا كوتنبرغ" (1400-1468 م) إلى صنع أول آلة طبع خشبية (حوالي سنة 1455 م) تعمل باليد، و تستعمل حروفا متنقلة من المعدن.
و من ألمانيا انتشر هذا الاختراع بسرعة، و أسهم بقسط كبير في نشر الكتاب المقدس على
أوسع نطاق و تعميم أفكار النهضة.
أعادت الحركة الإنسية الاعتبار إلى الإنسان و خلفت ثراثا غنيا
(مثل الفكر الإنسي و التطور الفني أبرز مظاهر النهضة).
: اهتمت الحركة الإنسية بمعرفة الإنسان و الرجوع إلى الثراث الأوربي القديم
ضمت الحركة الإنسية فئة من المثقفين (رجال الدين و الكنيسة و أساتذة الجامعات و بعض النبلاء و رجال المال و الدولة) و يعد الهولندي "إيرازم" (1536-1467 م) أشهر من مثل الفكر الإنسي.
تتلخص مبادئ الحركة الإنسية في جعل الإنسان محور التفكير و اعتبار المعرفة جوهر وجوده.
و لتحقيق أهدافهم عمل الإنسيون على:
إحياء الثراث القديم بجمع المؤلفات و القيام بالدراسات و وضع قواميس علمية للغة اللاتينية.
تشجيع التعليم عن طريق إنشاء المعاهد و الجامعات حيث أنشئت جامعة القلعـة فـي اسبـانيا، و جامعة لوثان في الأراضي المنخفضة.
: خلف الإنسيون ثراثا أدبيا و علميا و فنيا:
في الميدان الأدبي: ظهرت الكتابة باللغات الوطنية، ففي فرنسا ألف "دوبلي" كتابا راجع فيه عن اللغة الفرنسية إلى جانب مفكرين مثل رايلي و مونطيني و كالين، و في إيطاليا ظهر ميكيافيلي و في إنجلترا شكسبير.
في الميدان العلمي: وضع الإنسيون قواعد لتحرير العقـل الأوربـي مـن قيـود الكنيسـة و الإقطاع و اعتمدوا أسلوبا يعتمد المنطق و التجربة في التحليل، و ظهرت نظريات علمية كنظرية كوبرنيك في الفلك، و اكتشف ميكل سريت الاسباني الدورة الدموية الصغرى
. في المجال الفني: ركز الفنانون على الإنسان بدل الكنيسة فتطورت أساليب الرسم و النحت و أخضع الفنانون اعمالهم لقواعد رياضية و مقاييس محددة مثل ليوناردو دفينشي الذي كان إلى
جانب اهتمامه بالنحت و الرسم منشغلا بالرياضيات و العلوم الطبيعية و الفيزيائية.
أدى فساد الكنيسة الكاثوليكية إلى قيام حركة إصلاحية ديني
:قامت حركة الإصلاح الديني لعدة أسباب
فساد الكنيسة نتج بتخلي رجال الدين المسيحيين عن واجباتهم الدينية و انشغالهم بالأمور الدنيوية عن طريق توسيع ممتلكات الكنيسة و نهب الأموال و عيشهم في ثراء و ترف إلى جانب بيع "صكوك الغفران" (و هي بمثابة شهادات يبيعها رجال الدين للمدنيين من المسيحيين بدعوى أنها تضمن المغفرة في الدار الآخرة) و تضع الضرائب التي كانت تؤدى للكنائس.
وضعية المجتمع الأوربي المتدهورة و المرتبطة بالأوبئة و المجاعات.
: انطلقت حركة الإصلاح الديني من ألمانيا على يد "مارتن لوثر"
نشأ في أسرة ميسورة حيث تمكن من دراسة الحقوق و العلوم الدينية و أهم مبادئه:
اعتماد عقيدة "التبرير بالإيمان" كقاعدة أساسية لحركة الإصلاح.
اعتماد الكتاب المقدس كمرجع وحيد للشؤون الدينية و اعتباره كنزا حقيقيا للكنيسة.
اعتبار الإيمان مسألة فردية و بالتالي فلا عصمة للبابا و الأساقفة.
اعتماد ضرورة تبسيط الطقوس الدينية و جعل الكنيسة قليلة التكاليف مع الدعوة إلى إلغاء الوساطة بين الخالق و الإنسان.
لقيت أفكار لوثر مساندة واسعة داخل ألمانيا و خارجها شملت الأمراء و البورجوازية و الفلاحين الذين وجدوها فرصة للتخلص من نفوذ الكنيسة.
ظهرت حدود إصلاح لوثر عند معارضته لانتفاضة الفلاحين و تشجيع الأمراء على قمعهم.
انتشرت حركة الإصلاح الديني في مناطق أوربية أخرى
في فرنسا: ظهر "كالفن" (1519-1564 م) درس العلوم الدينية و القانون و اعتنق المذهب اللوثري، ثم لجأ إلى مدينة جنيف حيث أسس "جمهورية تيوقراطية" و كنيسـة إصـلاحية و أكـاديمية، و جمع أفكاره الإصلاحية في كتابه "دعائم الديانة المسيحية"، و أهم مبادئه:
أولوية الكتاب المقدس في الشؤون الدينية.
التبرير بالإيمان.
الإيمان بالقدر، و نبذ التراتبية و زينة المعابد و تشجيع العمل و المبادرة الفردية و إباحة السلف بالفائدة...
و انتشرت أفكاره بشكل واسع في أوساط الطلبة و النبلاء و التجار و الصناع.
في إنجلترا: قامت حركة الإصلاح الديني على يد الملك هنري الثامن.
تمثلت دوافع الإصلاح الديني عند هنري الثامن في عوامل سياسية مرتبطة بالتنافس الذي قام بينه و بين ملك اسبانيا شارل الخامس حول التوسع في أوربا و القارة الأمريكية، و مساندة البابا لاسبانيا في هذا الصراع.
انفصل هنري الثامن عن البابوية و أسس كنيسة خاصة ببلاده هي الكنيسة "الأنجنيكانية" و أعلن نفسه رئيسها الأعلى.
احتفظ هنري الثامن بالعقيدة و تراتبية رجال الدين و بالطقوس الكاثوليكية فاعتبر عمله انشقاقا داخل الكنيسة الكاثوليكية، لأنها لم تغير العقيدة و لا العبادة.
خاتمة:
شهد القرنان 15 و 16 ميلاد عالم أوربي جديد، و ضعت حركة النهضة أسسه الفكرية و العلمية و تدعمت قوته الاقتصادية خلال القرن الثامن عشر.
انطلاقا من الملخص حاول الإجابة على هذه الأسئلة:
عرفت أوربا في القرن 16 نهضة فكرية واسعة انطلقت من إيطاليا. بين هذه العوامل التي أهلت إيطاليا لتكون رائدة النهضة مبرزا المظاهر المختلفة للنهضة الأوربية مع دعم إجابتك بأمثلة.
أفرز عصر النهضة فكرا دينيا إصلاحيا انتقد الكنيسة. حلل ذلك على ضوء نموذج الفكر الديني الإصلاحي لمارتن لوثر